المستثمرون المسلمون الأذكياء، بدء الأعمال التجارية بالمعرفة
إن العديد من الأشخاص متحمسون لبدء عمل تجاري كمستثمرين. وخاصة إذا وجدت فرصة عمل تبدو حلالاً، ولديها نظام تقاسم الأرباح، وإمكانية تحقيق أرباح كبيرة. ولكن لسوء الحظ، ليس هناك عدد قليل من الأشخاص الذين يقفزون مباشرة إلى هذا المجال دون فهم العلم أولاً. في الواقع، في الإسلام، الاستثمار بدون علم قد يكون بداية كارثة، وليس بداية نعمة.
باعتبارنا مستثمرين مسلمين، فإننا لا نقوم فقط بإيداع رأس المال. نحن نبني التعاون بقيمة العبادة، وهو عقد لا يقتصر على البشر فحسب، بل يشهده الله تعالى أيضًا . قال رسول الله ﷺ ذات مرة:
إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّات ِ
(تاريخ الحديث. البخاري ، مسلم )
إذا كان هدفنا هو إرضاء الله تعالى ، فإن تعلم المعرفة قبل البدء في أي عمل كمستثمر ليس مهمًا فحسب، بل إلزاميًا. لأن الولاية في العقود كالشركة والمضاربة والمشاركة عظيمة. قد لا يكون المال كثيرًا، ولكن المساءلة؟ أمام الله تعالى مباشرة .
الله ﷻ نفسه في القرآن الكريم:
فَإِنَّ ٱللَّهَ شاهِدٌۭ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ
ق يونس: 46
لذلك عندما نبدأ عملًا تجاريًا كمستثمرين دون معرفة، ودون معرفة حقوقنا وواجباتنا، أو مجرد الموافقة من أجل الربح، فهذا ليس مجرد إهمال فني. قد يكون هذا شكلاً من أشكال الكذب، وللأسف تذكروا أننا تحت مراقبة الله تعالى مباشرة .
لذلك، قبل أن نتحدث عن إمكانية الربح، وقبل إرسال الأموال وتوقيع الاتفاقيات، يجب علينا أن نعرف ما هي المعرفة التي يجب أن نتعلمها. لأن المستثمرين المسلمين الأذكياء ليسوا هم الذين يودعون الأموال بسرعة، بل هم الأكثر جدية في طلب البركات.
اقرأ أيضًا: إدارة المخاطر في الاستثمار:أهميتها و كيفيتها
المعرفة الإلزامية قبل أن تصبح مستثمرًا شرعيًا
لقد اتفقنا، نعم. إن بدء عمل تجاري كمستثمر لا يعني فقط الحصول على رأس المال، بل يعني أيضًا الحصول على المعرفة. لا تجعل الربح حلالاً، ولكن العقد فيه إشكال. أو العكس، العقد شرعي، لكننا لا نفهم محتواه، فننتهي إلى القفز إليه دون معرفة العمق.
لذلك، لكي تكون خطواتنا ثابتة ومباركة، دعونا أولاً نتعلم المعرفة الأساسية التي يجب أن نمتلكها قبل إيداع الأموال وتوقيع العقد.
أولاً، افهم: ما هو هذا العقد؟
سواء كان العمل كبيرا أو صغيرا فإن السؤال الأول يبقى نفسه: هل هذا عقد شراكة أم مضاربة؟ أو ربما… إنه عقد مزيف؟
وقد أكد العلماء على هذه المسألة حقاً. قال الشيخ عاصي الصينقيثي رحمه الله :
لاَ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدٍ لاَ يَفْهَمُهُ (أضواء البيان 1/263)
لذلك قبل استثمار رأس المال، اسأل نفسك أولاً: من يقوم بالعمل، ومن يحدد اتجاه العمل، ومن يتحمل المخاطر؟ وهذا ما سيحدد العقد والشريعة.
اقرأ أيضًا: الصبر كصفة المستثمر المسلم
الفرق بين الربح الشرعي والربح الحرام
ليس كل ما هو مربح حلال. إذا بدأت عملًا تجاريًا كمستثمر، ولكنك تريد ربحًا ثابتًا، وتطلب ضمانًا لاستعادة رأس مالك، ولا تريد أن تتكبد خسارة، فهذه علامة حمراء. هذا ليس استثمارًا، هذا ربا.
تذكروا قول النبي ﷺ :
الخراج بالضمان
(أبو داود، الترمذي)
إذا كنت لا تريد المخاطرة فلا تتحمل النتائج. لأن في الإسلام رأس المال والعمل والمسؤولية حزمة واحدة.
التحقق من شرعية الشريعة الإسلامية
لا تنظر فقط إلى آفاق العمل. انظر أيضًا: هل هذا العمل حلال أم لا؟ لا تسمحوا باستخدام أموالنا في بيع الكحول، أو إدارة القروض عبر الإنترنت، أو في مشاريع غير قانونية.
إذا قلت، “لكنني لم أكن متورطًا بشكل مباشر”، فهذا هو بالضبط ما حدث. وبما أنك مشارك في الاستثمار، فهذا يعني أنك مسؤول أيضًا. يقول الله ﷻ :
المائدة
فهم حقوق والتزامات المستثمر
باعتبارك مستثمرًا، لديك الحق في: الحصول على حصة من الأرباح، ومعرفة التقارير التجارية، ومعرفة أين يتم استخدام أموالك. ولكن عليك واجبات أيضاً: الوفاء بالعقد، والحفاظ على الأمانة، وعدم فرض أي شيء لا يتفق مع الشريعة الإسلامية.
إذا كنت تساعد في إدارة عمل تجاري، فإن العقد هو عبارة عن شراكة. إذا لم تشارك في الإدارة فهي مضاربة. وكل نوع له قواعده الخاصة. افهم ذلك. لا تدخلوا الشريعة، بل العبوا بلا مبالاة.
الشيء الرئيسي هو؟
المعرفة مصباح. لا تدع الحماس للمال يجعلنا نغمض أعيننا. قبل البدء في أي عمل كمستثمر، قم أولاً بإشعال نور المعرفة. حتى تكون الخطوات واضحة والعقد صحيح والنتائج بإذن الله مباركة.
اقرأ أيضًا: الأخلاق والإيمان:تكامل لا انفصام له
خاتمة: الاستثمار أمانة وليس مجرد أرقام
أصدقائي، إن بدء مشروع تجاري كمستثمر في الإسلام لا يقتصر فقط على مقدار رأس المال ومقدار تقاسم الأرباح . وأما عن النية والعلم والمسؤولية الشرعية.
إذا كنا ننوي طلب البركات، والوفاء بوعودنا، وفهم القواعد، والتصرف بصدق، فإن كل روبية نزرعها يمكن أن تصبح حقلاً للمكافأة. ولكن إذا كنا مهملين، ولم نتعلم، وسعينا فقط إلى الربح الدنيوي، فقد ينتهي بنا الأمر إلى طريق إلى حساب ثقيل.
هيا كن مستثمرا مسلما ذكيا، واعيا، وجديرا بالثقة. لأن كل معاملة، كل اتفاق، كل روبية متداولة، كلها تشهد على الله ﷻ .
مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَـٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُم ْ
(سورة المجادلة: ٧)
نسأل الله أن يجعلنا من المستثمرين الموثوقين والعلماء والمحترمين. آمين.
اقرأ أيضًا: الثروة الحلال والسلامة في الدنيا والآخرة

لنستثمر في الشريعة الإسلامية على موقع zeedsharia.com
مرجع:
القرآن الكريم
https://tafsirweb.com
البخاري، محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري . تم الوصول إليه من
https://www.hadits.id/hadits/bukhari
مسلم، أبو الحسين. صحيح مسلم. تم الوصول إليه من
https://www.hadits.id/hadits/muslim .
أبو داود، سليمان بن الأشعث. سنن أبي داود . بيروت: دار الفكر، 1992.
الصينقيثي، أضواء البيان ، ج1، ص. 263.