يعتقد بعض أفراد المجتمع بأن هناك تعارض بين الإسلام وطلب الغنى. ترى بعض الآراء أن أي مسلم يجب أن يتقرب إلى الله بالابتعاد عن الثراء وقلة التمايل في الحياة. ولكن، هل الإسلام فعلاً يمنع أتباعه من كسب المال؟ أو بل بخلاف ذالك و يعزز وجود المسلم الغني؟ لتفسير هذا التساؤل ينبغي معرفة ما تدعو له التعاليم الإسلامية حيال المال وطلبه و تصرفه.
الإسلام و المال: زوايا واسعة
إن الإسلام لا يحظر اكتساب الثروة، بل يشجع المسلم إلى طلبه ة تصرفه وفقا لقيم الشريعة. قال الله عز وجل:
” وابتغِ فيما آتاك اللهُ الدارَ الآخرةَ ولا تنسَ نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبغِ الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المفسدين.” (القصص: 77)
يدل هذه الآية أن الإسلام يضع اهتماما كبيرا في طلب الرزق و الدنيا حيث تنبه هذه الآية أن لا يسناه العبد في خلال طلبه للآخرة. بل لا يجوز أن يتجاهل العبد طلب الرزق خلال ما ينبغي عليه القيام به في سبيل تحصيل الآخرة، وبهذا يحقق رفاهية كاملة للعبد.
وكان للنبي محمد صلى الله عليه وسلم صحابة أثرياء مثل عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، الذين استخدموا ثرواتهم لخدمة الإسلام والمسلمين، مما يثبت أن امتلاك المال لا يتعارض مع القيم الإسلامية طالما يُستخدم للخير والدعوة.
المسلم الغني التقي
الكرم والزهد هما السلوكان الذان يجبان أن يواكبا المال في الإسلام. على كل مسلم غني أن يتسلك بهما. يظهر أثرهما في مساعدة المحتاجين، الإنفاق في سبيل الله و الزكاة والصدقات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا هي المنفقة، واليد السفلى هي السائلة.” (رواه البخاري ومسلم)
هذا الحديث الشريف يبين أن المسلم يجب أن يكون سخي اليد ومتفاضل للإنفاق.
لا يعتبر الإسلام الغنى غاية نهائية، بل وسيلة للتقرب إلى الله، ولخدمة الدين والمجتمع. لذا، يدعو الإسلام إلى التوازن بين الدنيا والآخرة، بحيث لا يستعبد المال المسلم، ولا يمنعه من أداء عبادته وواجباته الدينية.
تجنب التعلق المفرط بالدنيا
مع أن الإسلام يجيز السعي للغنى، فإنه يحذر من الطمع وحب الدنيا الزائد. قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
“لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب.” (رواه البخاري ومسلم)
يحذر هذا الحديث من أن الطمع قد يبعد الإنسان عن الله ويفسد أخلاقه وقيمه. لذا يجب على المسلم أن يتحلى بالقناعة وألا يلهيه المال عن عبادة الله وطاعته، بل عليه أن يسعى لأن يكون من الشاكرين.
استغلال المال كمصدر للبركة
الإسلام يرى المال المحصل بطريقة حلال المنفق في مصروفات مباحة و نافعة كسبب من أسباب البركة في الحياة. بالمال الزائد, يمكن للمسلم أن ينفق أسرته بطريقة جيدة و حلال و يمكن لهم أن يكون نافعا للمجتمع من خلال تعزيز الرفاهية الاجتماعية, مساعدة المشاريع الخيرية, توفير السلع و الخدمات النافعة للمجتمع, حتى فتح مجال العمل للمجتمع. و يحقق هذا المنافع المسلم الغني من خلال الزكاة, الصدقة الجارية, الوقف , الاستثمار و إنشاء الشركات تتعامل في المجالات المباحة النافعة, حتى دفع الضرائب لدعم خدمة المجتمع من خلال الحكومة.
الخاتمة
بناءً على تعاليم الإسلام، لا يُمنع المسلم من أن يكون مسلما غنيًا، بل يُحث عليه طالما كانت وسائله مشروعة وكان المال يُستخدم للخير وخدمة الإنسانية. لا يعتبر الإسلام الفقر معيارًا وحيدًا للتقوى، بل يحث المسلمين على الاجتهاد والعمل المنتج واستثمار الرزق الحلال بما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع.
وعليه، فإن المسلم لا يكفي له فقط أن يكون غنيًا، بل يجب عليه السعي ليكون غنيًا تقيًا، يستخدم ثروته لمساعدة الآخرين، ونصرة الحق، وتعزيز الأخلاق، وخدمة الدين والمجتمع. فالغنى في الإسلام وسيلة لتحقيق رضا الله، ونشر العدل، والمساهمة في بناء حضارة إنسانية راقية.
المراجع
Almanhaj. (بدون تاريخ). الغنى للمسلم ليس مذمومًا. تم الاسترجاع من https://almanhaj.or.id/38500-muslim-kaya-tidak-tercela.html
Hidayatullah. (24 أكتوبر 2016). يجب على المسلمين أن يكونوا أغنياء. تم الاسترجاع من https://hidayatullah.com/berita/ekonomi-syariah/2016/10/24/103291/umat-islam-itu-harus-kaya.html
Islam Digest Republika. (2022). أدلة على أن الإسلام يحث المسلمين على الغنى مع الصلاح. تم الاسترجاع من https://islamdigest.republika.co.id/berita/rbspv5320/dalil-berikut-ini-tegaskan-islam-justru-dorong-muslim-harus-kaya-dan-saleh
Islampos. (2022). أدلة على وجوب غنى المسلم. تم الاسترجاع من https://www.islampos.com/dalil-muslim-harus-kaya-253749/